شهدت أسعار بعض السلع الغذائية في السعودية، وخاصة زيوت الطبخ ومشتقات الألبان والمكرونة بأنواعها المختلفة، ارتفاعا كبيرا خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي قارب من 30%، وسط توقعات بموجة غلاء جديدة قد تطال السلع الغذائية خلال الشهور المقبلة بسبب ارتفاع أسعار النفط، وتخوفات من طقس سيئ قد يضر بالمحاصيل الزراعية السعودية مثلما حدث في موسم الشتاء الماضي.
وتسود مخاوف لدى المستهلكين ومراقبي السوق السعودية من أن يسعى تجار ومراكز التجزئة استغلال موجة ارتفاع الأسعار لرفع هامش أرباحهم في مختلف أنواع السلع، الأمر الذي يحدث أضرارا كبيرة على المستهلكين.
إقرار بالزيادة
ورجح اقتصاديون تحدثوا لموقع "الأسواق. نت" أن ينعكس ارتفاع سعر النفط على أسعار المواد الاستهلاكية خلال الشهور المقبلة، في السعودية، بسبب زيادة تكاليف النقل البري والبحري والجوي، إضافة إلى ارتفاع تكاليف إنتاج الطاقة الكهربائية، مما يؤدي إلى تغير في تكلفة إنتاج ووصول السلع النهائية إلى يد المستهلك النهائي.
وكانت أسعار المواد الغذائية في السعودية سجلت ارتفاعات غير مسبوقة مطلع العام الجاري عقب التوقعات التي أكدت أن سوق المواد الغذائية والاستهلاكية في السعودية ستشهد زيادة عالية تفوق نسبة 30%، مقارنة بحجم الأسعار السائدة في العام الماضي.
الزيادة من المورد
وأبلغ تاجر تجزئة "الأسواق. نت" أن أسعار المكرونة والأجبان واللبن البودرة زادت خلال الشهرين الماضيين بنحو 30%، وأن الزيادة جاءت من المورد، مشيرا إلى أن مبيعات بعض الأنواع تراجع كثيرا وخصوصا لبن البودرة الذي زاد سعره نحو 20%.
وقال التاجر الذي رفض ذكر اسمه "إن هناك استياء كبيرا من المستهلكين جراء تلك الزيادات، ولكن ماذ نفعل، نحن نستلم السلع بأسعار عالية ونضطر لتحميل الزيادات على المستهلك"، نافيا رفع هامش الربح لديهم؛ لأن الأمور لا تحتمل أكثر من ذلك".
استياء المستهلكين
وطالب المواطن عبد الله الشلهوب (35 سنة – موظف) وزارة التجارة بالتدخل لوقف تلك الارتفاعات الكبيرة التي صارت تتم بشكل شهري إن لم يكن يوميا.
وأضاف أنه يشعر أن هناك زيادات في كل مرة يشترى فيها مواد غذائية، "كل أسبوعين أشتري أغراض المنزل وبنفس الكميات، وأجد زيادة في كل مرة، ماذا نفعل؟".
من جهته، أقر مدير مجموعة الشهري للمواد الغذائية عبد الله الشهري، أن هناك عددا من السلع شهدت ارتفاعا كبيرا في أسعارها ومنها الحليب بأنواعه، والزبدة، والقشطة، والأجبان، وكذلك المكرونة، وزيوت الطبخ، وبعض العصائر واللحوم، وتراوحت الزيادة في أسعارها بين 20 إلى 30%.
وأضاف أن تلك الزيادات أضرت بالمستهلكين الذين تذمروا من تلك الزيادة، وأدت إلى تراجع الطلب على بعض الزيوت التي كانت مرغوبة لدى بعض المستهلكين، وكذلك الأجبان وحليب البودرة.
ونفى أن يكون سبب الارتفاع داخليا، ولكن يأتي ذلك نتيجة ارتفاعات عالمية على كثير من المنتجات وارتفاع أسعار الشحن وغيرها من العوامل المرتبطة بالاقتصاد العالمي.
وشدد على أهمية الاعتماد على المنتجات المحلية وإحلالها بدلا من المستورد بما يساهم في تخفيض الأسعار أو على الأقل تثبيتها.
صعود النفط سبب رئيس
من جهته، قال نائب الغرفة التجارية والصناعية في الرياض حمد الحميدان "إن ارتفاع الأسعار بشكل عام يعود إلى التضخم العالمي وليس مقتصرا على المملكة أو دول الخليج فقط، ولكن ارتفاع أسعار النفط انعكس سلبيا بشكل كبير على كثير من المنتجات، سواء كانت صناعية أم غذائية، كما انعكس على ارتفاع أسعار الشحن مما تسبب في تحميل تلك الارتفاعات على المستهلك النهائي".
واعتبر أن إحلال المنتج المحلي بديلا للمستورد هو الحل لتخفيض الأسعار، وقال "إن صناعاتنا المحلية ذات جودة عالية والدليل وصولها إلى أكثر من 130 دولة في العالم"، ودعا الحميدان المستهلك أن يعي ما يستهلك، وترشيد استهلاكة لمختلف السلع، كما ناشد التجار عدم استغلال ارتفاع الأسعار لزيادة ربحه.
من جهته، ربط رئيس مركز استشارات الجدوى الاقتصادية الإدارية في جدة د. محمد شمس بين ارتفاع أسعار النفط وزيادة الأسعار، وقال "إن النفط يعد من المواد الخام التي تدخل في عدد كبير من الصناعات، وارتفاع النفط يؤثر على الواردات السعودية، من خلال زيادة تكاليف إنتاج المواد المستوردة، سواء كانت غذائية أم استهلاكية وخدمية".
وأشار إلى أنه من المتوقع حدوث ارتفاع في الأسعار خلال ستة أشهر في حال استمرار صعود الدولار.
تجار يرفعون هامش ربحهم
وكانت دراسة متخصصة عن ارتفاع الأسعار في السعودية أظهرت ارتفاع هامش الربح لدى عدد من تجار التجزئة والمواد الغذائية من 3% إلى 9%، وهو ما أسهم في زيادة الأسعار للسلع الأساسية.
وأوضحت الدراسة أن زيادة في هامش الربح أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية مع الزيادة العالمية والإقليمية للسلع.