السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والحمد لله وحده والصلاة والسلام على خير البشرية سيدنا وقرة أعيننا محمد بن عبدالله وعلى اله وصحبة أجمعين أما بعد:ـ
ماذا بعد الحج
أخي / أختي في الله لا تضيع هذه الفرصة الذهبية التي من الله بها عليك إن كنت قد حججت فلم تفسد حجك برفث أو فسق فلك البشرى من رب العالمين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة )) [ متفق عليه ] . والحج المبرور هو الذي لا فسق فيه ولا رفث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه )) [ متفق عليه ] .
إن كنت كذلك فاعلم أنك طاهر من كل ذنب فاجتهد أن لا تضيع هذه الطهارة وعليك بالتحلي بالأحكام الشرعية والآداب الإسلامية التي رضيها الله لك وأوصاك بها في كتابه وسنة نبيه ، وإليك بعض منها :
أولاً : المحافظة على الصلاة في وقتها ومع الجماعة قال تعالى : { إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً } [ النساء / 103 ] فلا يجوز للمؤمن أن يتأخر أو يؤخر الصلاة فهي عماد الدين وهي نور الله المستبين تجد المفرط فيها في ظلام دائم في وجهه وعمله وليله ونهاره ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( الطهور شطر الإيمان والحمد لله تملأ الميزان وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السماوات والأرض والصلاة نور والصدقة برهان والصبر ضياء والقرآن حجة لك أو عليك كل الناس يغدو فبايع نفسه فمعتقها أو موبقها )) [ رواه مسلم ] .
ثانياً : واجتهدوا حفظكم الله في صيام التطوع قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من صام يوماً في سبيل الله زحزحه الله عن النار سبعين خريفاً )) [ رواه أحمد والترمذي والنسائي ] . واعلم أنه من السنة صيام الاثنين والخميس وصيام ثلاثة أيام من كل شهر وصيام يوم تاسوعاء عاشوراء ويوم عرفة وخير الصيام صيام نبي الله داود عليه السلام كان يصوم يوماً ويفطر يوماً .
ثالثاً : عليكم بقراءة القرآن فإنه المعجزة الخالدة والحجة الباقية أمر الله بتلاوته وتدبره قال تعالى : { ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر } [القمر / 17 ] . ونهى عن هجره قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن لله أهلين من الناس قالوا يا رسول الله من هم ؟ قال : هم أهل القرآن أهل الله وخاصته )) [ رواه أحمد وابن ماجة ] فكن يا عبد الله من خاصة ربك جل وعلى وانظر الناس وهم يتفاخرون بأحسابهم ومكانتهم وأنت تتفاخر بربك العلي العظيم .
رابعاً : عليكم أن لا تغفلوا عن ذكر الله فقد أفلح من كان لسانه رطباً بذكر الله جل وعلى قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً } [ الأحزاب / 41 ] . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( مثل البيت الذي يذكر الله فيه والذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت )) .
خامساً : احرصوا على سلامة صدروكم من أدران العصر من الغل والحسد والحقد وإياك أن تكون عدواً لأحد من المسلمين ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تناجشوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخواناً )) [ متفق عليه ] .
سادساً : اعلم أخي /أختي في الله أن الصلاة نور والصدقة برهان كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( فاحرص على مواصلة الصلة مع الله بدوام الصدقة قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة }[ البقرة / 253 ] )). وعن أبو هريرة رضي الله عنه قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أي الصدقة أعظم أجراً قال : (( أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا وقد كان لفلان )) [ متفق عليه ] .
سابعاً : لا تنسوا حق الوالدين فإن الله أوصاكم بهما قال تعالى : { وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً } [ الإسراء / 23 ] . واعلم أن الجنة بطاعة الوالدين ، عن معاوية بن جاهمة السلمي قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة (( قال : ويحك أحية أمك قلت : نعم يا رسول الله قال : ويحك الزم رجلها فثم الجنة )) .
ثامناً : وكن آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر فإنه طريقك للفلاح والاستقامة قال تعالى : { ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وألئك هم المفلحون } [ آل عمران / 104 ] . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم )) .
واعلم أخي / أختي في الله أن ملاك الأمر في الاستقامة والهداية بعد الله هي الصحبة الصالحة التي إذا نظرت إليها ذكرتك الله وإذا جلست معها أمرتك بالمعروف ونهتك عن المنكر والتي إذا صاحبتها زدت بها ديناً وقرباً من الله سبحانه وتعالى قال تعالى : { واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا } [ الكهف / 28 ] . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( الرجل على دينه فلينظر أحدكم من يخالل )) [ رواه أحمد والترمذي وأبو داود ] .
يا حجاج بيت الله الحرام ... اتقوا الله تعالى واعلموا أن الأعمال بالخواتيم وأن أحب الأعمال إلى الله ما دام وإن قل ، فاحرصوا على عدم تضييع هذه الفرصة من أيديكم فلا يدري أحدكم متى سوف يلقى الله سبحانه وتعالى نسأل الله تعالى أن يتقبل طاعتكم ويغفر سيئاتكم ويحشرنا وإياكم مع الأبرار